يقولون فلان حرٌّ … فمن الحُرُّ ؟
الحرُّ الأَبيّ هو من يدرك أبعاد ذاته…ويتأبَّى على أنْ يكون إمعةً أو سلعة للمتاجرة….ونُضج شخصيته يجعله يتحمل مسؤولياته تجاه قرارته وشؤونه كلها، ويحيا بمعظم خصائصه النفسية.
إنَّ التعامل مع هذا المعدن من الناس صعبٌ لكنَّه في الغالب مثمر.
ولذلك نجد في كلامِنا إذا أردنا أن نثنيَ على شخص نقول فلان (صقر) ،و نجد بعض الدول ، تستخدم الصقر شعاراً لها،لما يتمتع به الصقر من صفات طالما اعتزّ بها الإنسان، مثل القوة والإباء والاعتزاز الشديد بالنفس.
أقول ذلك في وقتٍ يتجلى فيه الخضوع لشهوة المال والنفوذ والاقتناء والتكديس التي أضحت تصُوغُ تطلعاتِ النَّاس وسلوكهم على حساب كرامتهم ودينهم ومروءتهم،وقد كانت العرب تقول “تجوع الحرةُ ولا تأكلُ بثدييها” أي لا تُؤَجِّرُ نفسها لإرضاع أبناء الناس .
الكرامة فوق المال والنفوذ، والذاتية فوق الملكية ،هذا هو الشعار الذي يجب أن نستلهم من إدارة الصراع المحتدم داخل نفوسنا ،ونَؤْثِرُ الدائم على الزائل، والآجل على العاجل، فالدنيا وما فيها شيء عاجل زائل، والآخرة وما فيها شيء آجلٌ دائم.
وقد قال تعالى-:{بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْر وَأَبْقَى (17)). وقال -:”(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).
حين نجسد هذه القيمة في حياتنا ،نكون قد ملكنا الميزان الصحيح للحكم على موقفنا وقراراتنا ،وحينها تتسع الدنيا الضيقة ،ونرتبط بعالم الآخرة الفسيح .
الحياة فرصة واحدة فعش حُراً عزيزاً شهماً كريماً.
د. أسامة الصَّلابي