وقفة مع آيات من سورة الزخرف
{لَقَدۡ جِئۡنَٰكُم بِٱلۡحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَكُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ}آية(78)
لماذا يكرهون الحق كراهةً تَحُولُ بينهم وبين اتِّباعه …هل لعدم إدراكهم له …وكيف يكون ذلك وهم لا يشكون في صدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ويلقبونه بالصادق الأمين .. فما عهدوا عليه كذباً قط على الناس .. فكيف يكذب على الله ويدعي عليه ما يدعيه ؟
الحقيقة في الغالب أنَّ يحاربون الحق لا يجهلونه ..فالبعضُ يظهر له الحق ابتداءً دون شك أو شبهة..والبعض يظهر له بعد مراحل ..وهكذا هي أحوال الناس…لكن مع هذا يكرهون الحق بعد ظهوره وجلاءه .
و السبب في كراهيتم له لأنَّه يصادم أهواءهم…ويقف في طريق شهواتهم ..ومصالحهِم التي لا تنتهي..وأَوَارِ غَلِيلِهم الذي لا يعرف الريَّ ولا الإِرْتِواءٌ…لا يصدُّ صادٌّ ويرده رآدٌّ.
فهم أضعفُ من أن يُغالبوا أهواءهم وشهواتهم ورغباتهم المحمومة ..فيستسلمون لها دون أدنى مقاومة أو تفكير في العواقب والنهايات.
ولكنَّهم أجرأُ على الحق وعلى رسل الحق ودعاته….فمن أين يستمدون هذه الجراءة ..بل والوقاحة أيضاً.
إنَّ الضعف الذي فيهم تجاه النزوات والرغبات و الأهواء والشهوات يستمدون منه القوة على الحق والاجتراء على الحق و اتباعه.
ولمَّا كان هذا حالهم جاءهم هذا التهديد الصارم في الآية التي تليها
{أَمۡ أَبۡرَمُوٓاْ أَمۡرٗا فَإِنَّا مُبۡرِمُونَ} (79)…يعني: أم أحكموا كيداَ فإِنَّا مُحكِمون لهم كيدا …. أم أجمعوا على التكذيب فإِنَّا مجمعون على الجزاء بالبعث …أم قضوا أمراً فإِنَّا قاضون عليهم بالعذاب .. و ( أَمْ) بمعنى (بل ).
فإصرارهم على مواجهة الحق كِبراً وعناداً …يقابله الأمر والإرادة والمشيئة الربانية بانتصار الحق وتثبيته وتمكينه .
ويختم بأن يكشف خططهم المخبؤة في الظلام.. وأنَّ مكر الله بهم عظيم …فهو السميع العليم بالسر والنجوى {أَمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّا لَا نَسۡمَعُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيۡهِمۡ يَكۡتُبُونَ} (آية 80)
فالعاقبة معروفة…والنهايات حتمية محسومة .