إلى طلبة العلم

لا يستطيع أحد أن يقلل من شأن الحفظ وحاجة طالب العلم إليه…فبعض طلاب العلم اهتم اهتماماً بالغاً بالحفظ،وصار يحمل في صدره الكثير من النصوص والمتون والمنظومات.

لكن الذي يؤخذ على هؤلاء أنهم حفظةٌ وحسب، و أدَّى شدةُ تركيزهم على الحفظ إلى تهميش ملكة الخيال،وعطّلوا ما أكرمهم الله به من القدرة على التحليل والاستنتاج وفهم الأسباب والجذور .

وكثير من هؤلاء لا يحسن فهم واقع الأمة، وليس لديه أي رأي أو رؤية في كيفية تغييره وإصلاحه.

نعم لديهم علوم ومعارف لكنّهم لا يستطيعون توظيفها في نشر الخير والصلاح، كما أنهم لا يستفيدون منها في تحسين وضعيتهم الدنيوية وأمور معاشهم.

قيمة تحصيل العلم تكمن في مدى اتصاله بحياة البشر وقدرته على إرشادهم وتحسين قراراتهم و امتلاك رؤية منهجية للحياة والواقع والمستقبل.
نحن عندما نقرأ الحديث النبوي ( العلماء ورثة الأنبياء) ينبغي أن تعتبره موجها إلى المسلك الصحيح في طلب العلم ومراجعة الأنماط العلمية المتكررة الموجودة اليوم.

فالأنبياء هم قادةالتغيير وإصلاح الأوضاع والمشاركة في الشأن العام وتوجيه بوصلة المجتمع نحو الهدايات الربانية .

ولم يكونوا في معزل عن واقعهم في خلواتهم لا يعلمون شيئا عمّا يدور حولهم …كلا .. بل المشاركة والحضور الفعال من أبرز سماتهم ..وهكذا يجب أن يكون ورثتهم وأتباعهم المخلصين..وبهذا نحدد من هو العالم ؟ولماذا يُطلب العلم ؟
هناك الكثير من الآيات والأحاديث التي تحث المسلم على التفكر والتأمل والتدبر والاعتبار في أحوال الوجود وسير الأمم السالفة؛ وأحوال المجتمعات وتجارب الأنبياء والمصلحين وذلك كله يستهدف إبعاد الاعتباطية عن حياتنا، وتعميق فهمنا للسنن الربانية في الخلق، وجعل وعينا يتمدد باستمرار إلى مواطن لم يتعرف عليها من قبل…ولحكمة ما كان ثلث القرآن قَصَصًا فيها الدروس والعبر …فأين طلاب العلم من هذا كله .
علينا مراجعة أحوالنا وتصحيح بوصلة طالب العلم و العلماء .
فطلب العلم اليوم يعيش بين الحقيقة والادعاء.