حديث مع العُمُر
من المهم جدا أن نعرف حدود الدائرة التي تستطيع فيها عقولنا الإدراك الصحيح والحكم السديد..فعقل الإنسان في تجدد مستمر وعملية الوعي فيه لا تتوقف ،بحسب ما يأتيه من معارف توسع مداركه ويكون الاتجاه .
الإنسان منَّا يتفاوت حُكْمه في مرحلتين من عمره على شيء واحد ، وربَّما استقبح بعدما كَبِرَ وامتدَّ به العمر ما كان يستحسنه وهو في فورة شبابه ،فمرحلة العشرين ليست كمرحلة الثلاثين والأربعين إلى يمتد العمر ، فطبيعةُ القصور أن ينسج غشاوة كثيفة أو خفيفة على أبصارنا فنظنُّ الفرع أصلا والمتغير ثابتا ،والطيش حكمةً والتهور شجاعة،ما فيه نفع لنا ضارُّ بنا .
وهذا ليس معناه اهتزاز في المباديء وتنكب عن الثبات ، فالمتغيرات في الحياة أكثر من الثوابت والظنيات أوسع دائرة من القطعيات ،والمرونة ليست تنازلاً ولا استسلاماً، وإنما هي مراجعات للإقدام والإحجام من أجل عدم الاستسلام.
المثالية الزائدة تدفع بصاحبها نحو الإحباط…وإن كان المثاليون أكثر مصداقية ،فالواقعيون أكثر فاعليةً.
د.أسامة الصلابي
