قِيَمُ السِّلْم
تعاليم الوحي الإلهي تهدف إلى صبغ العلاقات الاجتماعية بصبغة الألفة والمودة والتفاهم والمحاورة بالحسنى واحترام التعدد الثقافي…وهذا نلحظة في نصوص لا تحصى __ في كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم __ تحثُّ على التسامح والعفو والإيثار وحسن الجوار وصلة الأرحام، وكف الأذى….وتتوعدُ وعيداً شديداً المعتدين على حرمات الدماء والأعراض والأموال.
والسبب في ذلك معروف بداهة فاجتماع الناس – بطبيعته – يولد الاحتكاك والتوتر ويهيئ للعدوان والصدام .فكان لابد للوحي أن يرشَّد الناس ويزكي نفوسهم لمعالي الأمور.
فالمجتمع الذي يسوده العنف بصوره المختلفة،يولِّد حالة خطيرة من الاضطراب الاجتماعي، وتتحكم فيه ثقافة حب المناوئة ،والغرام بالحروب الحامية والباردة، ويبدأ المجتمع يفقد الهناء النفسي والأمن العام .
وهنا يجد المفكرون وقادة الرأي أنفسهم في عزلة عن التيار الاجتماعي العام، الذي تحركه اعتبارات غير عقلانية وغير حضارية….ويكون النفوذ للأعلى صوتاً والأقل رشداً… ويسود التعانفُ ليخسر الجميع و يظلوا في دوامة من الحروب الطاحنة، التي تُهيج الوحش الرابض في نفوس كثير من الناس،وتُسْتَدعىَ الجاهلية من جديد ،وكلُّ واحد تحركه عقيد اجتماعية وموروث ثقافي واجتماعي يوجه بوصلته تجاه مخالفيه، وهنا ينكشف الناس وتسقط القشرة الحضارية الرقيقة، وتعود الهمجية كأول عهدها، ولكن بأسلحة أشد فتكاً وتدميراً!
ومما يؤسف أننا نلاحظ اليوم ظهور مصطلح جديد،وهو(إدارة العنف )،أي التعامل معه ليس باقتلاع جذوره ولكن بتشذيب زوائده وتحويل براكينه.
فاليوم ..وهذا هو الحال على الرواد وقادة الرأي والمصلحين أن يُعلوا من شأن القيم التي أرساها ديننا الحنيف في هذا الشأن، ويمنعوا الأسباب تولد العنف – وهذه أمانة كبيرة تتطلب التضحية من قبل كل الأطراف، وأنصناعة المستقبل يبدأ بالتنازل أولا ،والتشبع بقيم السلم ثانيا.
وهذا أمرٌ ملح ومستعجل لما نراه من ظاهرة التعانف،في حياتنا ولاسيما في مواقع التواصل الاجتماعي.
وإِنْ لم نفعل ذلك ، فسيجد كلُّ واحد منَّا نفسه في بؤرة من الصراع الأهوج الأعمى، حيث يكون المرء هو الجزار والضحية في آن واحد.
ألا هل بلغت اللهمَّ فاشهد.
د.أسامةالصلابي