قانون مكتوب وقانون غير مكتوب

المجتمع المتوحش يقيم العلاقات بين أفراده على القوة والقهر والعدوان… وعلى الإستعلاء القبلي والجهوي وأحيانا المناطقي، والتفاخر المتجذر في العقليات البدائية المتخلفة.
وفي هذه المجتمع يُعد كلُّ فرد من أفراده نفسه ليكون المفترس أو الفريسة الجزار أو الضحية … إنه مجتمع الغابة.. الذي يكون الإنسان بدائياً متوحشاً ليس له حدود من الطمع والشّره إلا ما تُوقفه أو توصله إليها قوتُه…فالخوف هو الطابع العام في حياة هذا المجتمع.

أما القانون في المجتمع المتوحش الذي لم يتمكن من بناء مدنيةٍ خاصة فإنَّ القانون يكون لتأمين مصالح الجهات النافذة والقوة الحاكمة…إنه الإخراج النهائي للقوة الغاشمة ،ولذلك فإنه لا يلقى التقدير من أحد ولا يناصر القانونَ إلا المستفيدون منه.

وبذلك يصبح تطبيق القانون مظهراً من مظاهر الانهيار الاجتماعي و سببا من أسباب الهلاك..لأنه يصبح أداة ظلم وإفساد وطغيان… وإلى هذا رمَىَ الحديث الصحيح( إِنَّمَا هِلَكَ الذين قبلَكم، أنَّهم كانوا إذا سَرَقَ فيهمُ الشريفُ تركوه، وإذا سرق فيهمُ الضعيفُ أقاموا عليه الحدَّ) أخرجه النسائي.

هذا النوع من المجتمعات التي ليس لها من المدنية سوى القشور مصابة بداء [الازدواج القانوني].. حيث إنِّ لديها بجوار كلِّ قانون مكتوب قانوناً غيرَ مكتوب ،وهذا الأخير هو الوجه والقانون المكتوب هو القناع ،والحق دائما مع من يَدْفع أكثر أو يخيف أكثر.

 د.أسامة الصلابي